المكسب في المزيج
  • By food-experts
  • October 19, 2025
  • No Comments

المكسب في المزيج

المكسب في المزيج
أسطورة النِّسب الثابتة… وحقيقة المزيج اللي يكسب في قطاع المطاعم و الصناعات الغذائية
 
أحمد سمير رجب – خبير تسويق غذائي، مؤسس ومدير شركة فوود اكسبرتس
 
في عالم البيع والتجارة والمطاعم، الواقع دايمًا رايح جاي: مرة جملة ومرة قطاعي، مرة توزيع مباشر ومرة غير مباشر، وكل قطاع له تسعيرة مختلفة، وكل قناة لها شروطها، وحتى نفس المنتج ممكن يديك ربحية في مكان ويستنزفك في مكان تاني.
وسط ده كله، نلاقي ناس واقفة على أسطورة قديمة: إن الـ Food Cost لازم يكون رقم ثابت، 28% أو 35% أو حتى 45%، أو إن الـ Contribution Margin لازم يبقى واحد على كل المنتجات. الحقيقة؟ دي مجرد نِسَب ميتة بتقتل الروح النابضة للبيزنس.
القائمة المالية مش أرقام متحجرة، دي كيان حيّ بيتنفس. كل منتج وكل قناة وكل فرع بيشارك بدور مختلف في لوحة كبيرة اسمها “الربحية الكلية”. في منتجات ربحيتها عالية بتغذي الهامش، وفي منتجات تانية سريعة الدوران بربحية أقل لكنها بتحرك العجلة وبتزود العمليات، وفي منتجات وظيفتها إنها تملأ وقت الخمول وتشغل القدرة الإنتاجية. الفكرة هنا إن ولا صنف، ولا عرض، ولا فرع يقدر يشيل الشركة لوحده. الكل بيلعب مع بعض، زي فرقة موسيقية، في سيمفونية لو اتظبطت هتديك أعظم ناتج.
ويعني أيوه… ينفع يبقى فيه منتجات تتخطى حاجز التكلفة وتبان كأنها بتكسر قواعد الـ Food Cost، ويعادلها منتجات أخرى أو أصناف جانبية بتعالج ده. وينفع كمان يبقى فيه منظومة عروض أو Limited-Time Items سواء في نفس الشهر أو في شهر آخر، هدفها جذب عملاء جدد للتجربة أو رفع عدد العمليات. وفي المقابل، أصناف أو عروض هدفها رفع قيمة الفاتورة، وأخرى تركز على الربحية الرقمية، وأخرى على النسبة. أحيانًا يكون القرار مبني على Food Cost %، وأحيانًا على Penny Profit—وفي الحقيقة الذكاء في الموازنة بين الاثنين، مش في التقديس لواحد وترك الآخر.
المشكلة إن اللي بيصدق في “النسب الثابتة” بيتعمى عن الحقيقة: نفس المنتج ممكن يحقق لك 40% في الصالة، و25% في اتفاق جملة مليان خصومات، و30% في تطبيق دليفري بياخد عمولة. المتوسط هنا خادع، ولو مشيت وراه هتكتشف إنك بتطارد نسبة شكلها حلو على ملف الإكسل وهي معروضة من البروجكتور على الحيط في اجتماع الإدارات، بينما الربح الحقيقي بالفلوس اللي كان ممكن يدخل جيب الشركة بيتبخر نتيجة فقدان الفرص.
وعلى الصعيد الآخر، بنشوف في السوق أوهام تانية لا تقل خطورة: توهّم تحقيق نسبة ربح مبهرة على الورق، بينما في الحقيقة إجمالي التكاليف اللي الإدارة مش واخدة بالها منها بيحوِّل العملية كلها لخسارة صريحة. خُد مثل: بيع المنتجات في بعض سلاسل السوبرماركت. السعر الظاهري قد يديك انطباع إنك كسبان، لكن لما تجمع التكاليف السنوية—إيجارات الأرفف، حملات التذوق، أنشطة تسويقية، مروّجين للمنتجات عشان ينسقوا العرض، أدوات دعاية، عروض خاصة بأعياد ميلاد السلسلة—تكتشف إنك بتبيع بخسارة كاملة. والأخطر إنك ماشي في نفق من غير رؤية واضحة للخروج. أحيانًا ممكن يبقى فيه مبرر لخسارة مؤقتة أو مدروسة (زي افتتاح سوق جديد أو ترسيخ براند)، لكن في أغلب الحالات دي بتكون نتيجة انعدام هدف أو انسياق وراء النسبة على الورق.
خليني أبسطها: ممكن تبيع صنف غالي بهامش 40%، وتبيع معاه صنف أرخص بهامش 20%. لو ركزت على النسبة، هتقول إن الهامش انخفض. لكن لما تحسبها صح، هتكتشف إن السر مش في النسبة، السر في عدد المنتجات اللي اتباع من كل صنف، وفي أي قطاع اتباع، والربحية النقدية اللي اتحققت فعليًا.