مفيش فرق يا ريس…
أحمد سمير رجب – خبير تسويق غذائي، مؤسس ومدير شركة فوود اكسبرتس
خطوات الشيطان و جودة الصناعات الغذائية والمطاعم واحدة من أخطر الدروس اللي شُفتها بعيني خلال 26 سنة خبرة في الصناعات الغذائية والمطاعم، حاجة أنا بسميها اتباع خطوات الشيطان.
الرحلة بتبدأ تحت ضغط التضخم وارتفاع التكاليف و تراجع الربحيات، والإدارة تدور على حلول سريعة للحفاظ على الربحية. أول ما يخطر في بالهم: “نلعب شوية في المواصفات”. يغيّروا خامة، يقللوا نسبة مكوّن، أو يعدّلوا الوصفة.
يجي الاجتماع: يحطوا المنتج الأصلي (أ) جنب المنتج المعدل (ب)، ويسأل المدير بكل ثقة: “قولولي يا رجالة… في فرق؟”
الفريق يتذوّق ويشم ويقرمش، وبعدين يرد بصوت واحد: “مفيش فرق يا ريس… فرق بسيط قوي، الزبون مش هيلاحظ”.
ينهض المدير فرحان: “وفّرنا 10% في التكلفة”، والجميع يصفّق: “اعتمد يا ريس”.
تمر شهور قليلة، واللعبة تتكرر: (ب) يقارن بـ (ج)، ثم (ج) بـ (د)… ومع كل مرحلة نفس الجملة السحرية: “مفيش فرق”.
لكن الحقيقة القاسية إن الزبون مش بيقارن (د) بـ (هـ)… هو بيقارن بين الأصل (أ) وبين آخر نسخة بعد سلسلة التنازلات.
وفجأة، تبتدي تعليقات العملاء: “إنتوا ما بقتوش زي الأول”، “الطعم اختلف”. والمبيعات تروح مننا.
داخل الشركة، يحلف الفريق إن “مافيش تغيير”، ويقعدوا يدرّسوا أسباب عزوف المستهلك وتتم مجموعة من التحليلات و المقارنات الفنية بين العينة (د) و(هـ)… لكن الغلطة مش في فرق بين (د) و(هـ)… الغلطة في رحلة كاملة مشيت ورا خطوات الشيطان لحد ما فقدنا النسخة الاصلية من المنتج و فقدنا النسخة الاصلية مما وعدنا به العميل.