من الاتجاهات العالمية إلى عمق المحلية: كيف نفهم المستهلك فعلاً؟
  • By food-experts
  • October 19, 2025
  • No Comments

من الاتجاهات العالمية إلى عمق المحلية: كيف نفهم المستهلك فعلاً؟

من الاتجاهات العالمية إلى عمق المحلية: كيف نفهم المستهلك فعلاً؟
 
أحمد سمير رجب – خبير تسويق غذائي، مؤسس ومدير شركة فوود اكسبرتس
 
النجاح في عالم المطاعم والمنتجات الغذائية السريعة (FMCG) مش بييجي من عامل واحد. هو خريطة معقدة بتتشكل من خيوط كتير: متابعة الاتجاهات العالمية، تحليل سلاسل الإمداد، دراسة المنافسين، وفهم البيئة المحلية.
لكن وسط كل ده، بيظل في خيط واحد هو الأعظم تأثيرًا: فهم البني ادم اللي هتقدم له منتجك.
بس قبل ما تقرب من المستهلك، لازم تكون مهدت الأرض.
الخطوة الأولى لأي مشروع، مش لازم تبدأ من تحت، بل من فوق. من الرؤية العالمية للصناعة، لحد التفاصيل الصغيرة اللي بتحكم السوق المحلي.
من متابعة الاتجاهات العالمية، لتقييم إمكانية التوريد، وتوفّر الخامات، والتكنولوجيا، والفرق الشاطر، لحد فَهْم الواقع المحلي اللي بيحدد كل استراتيجية.
في بداية أي مشروع مطعم أو منتج غذائي سريع، أول خطوة بنعملها دايمًا هي: دراسة العرض.
هل الخامات موجودة؟ هل الآلات متاحة؟ هل الكفاءات البشرية موجودة؟
لو تجاهلت العرض، حتى ولو الطلب شكله مغري جدًا، المشروع ممكن ينهار عند أول خطوة تنفيذ.
كان في مطعم دجاح مطلوب منه فرانشيز في سوق فيه استحالة لتوفير مواصفته المطلوبة و هنا ماحتاجش يكمل دراسة عميقة للسوق الموضوع انتهى.
وبعد ما نطمن على الأرض، نبدأ نرسم الملامح: السوق، حجمه، قدراته، وشكل المنافسة. بس بنكمّل خطوة كمان.
بنروح نسمع الناس.
________________________________________
من الأرقام و الشاشات و التقارير لمقابلة الناس و نشوف وشوشهم
الأرقام بتقولك “فيه ناس”، لكن مش بتقولك هما مين.
علشان كده، بننزل الشارع، نسمع، نشوف، ونتكلم.
في عالم المطاعم، واحدة من أقوى أدوات الفهم هي مقابلات الناس على باب المحلات—نسأل العميل بعد ما خلّص تجربته مباشرة. رأيه بيبقى طازة، صادق، ومليان تفاصيل ماكانتش هتوصلك بطرق تقليدية.
في تمري تشيكن، مثلًا، اكتشفنا إن الزبون كان بيقيّم تجربة الفراخ مش بس على الطعم والسعر، لكن كمان على الريحة ، الريحة النظيفة اللي معدومة الزفارة كانت عامل حاسم عنده. المعلومة البسيطة دي قلبت خطة الإطلاق وخطة التواصل بالكامل ويمكن تبريدها بالهوا مش بالماية و صل للعميل اللي هو عايزة بشكل تنافسي.
وفي حلواني العبد، لقينا الزبون الصبح بيدوّر على كرواسون أو فطير مالح، وبالليل جاي مخصوص علشان الجيلاتي أو التورتة ، و بيحب و هو ماشي يشوف الحاجة مش لازم يدخل جوة المحل و ده اللي خلانا نبتكر محل و كأنه مولود من المحل يكون فيه مجموعة المنتجات زي الجيلاتى و غيرها اللي هو عايزها عالطاير.
وكان فيه طلب على منتجات “ترند” شافوها في مسلسلات وبرامج عالمية على السوشيال ميديا و قالولنا عليها.
الإدارة في البداية كانت شايفة الطلب ده مش أساسي، لكن الحقيقة إن الناس كانت مستنية تشوف ده في العبد. لما طلعنا بفكرة محل فرعي مخصوص للجيلاتي، عرضناه عالعميل الاول في بحث تسويقي و اكد العميل انه طبعاً نفسه في كدة وسرعان ما بقى من أنجح مفاهيم البيع اللي طلعنا بيها.
مقابلات علة باب المحلات مجرد بداية — لكنها بداية حقيقية.
________________________________________
التقسيم الحقيقي للمستهلك
بعد ما تسمع الناس، تبدأ المرحلة التانية: ترسمهم، ترسم ملامحهم، مش بالأرقام الجافة، لكن بصورة انسانية حية.
مش بنشتغل بالتصنيفات التقليدية زي “A-class” أو “B-class”، دي تصنيفات سطحية .
اتنين عندهم نفس الدخل، ممكن يكون عندهم أساليب حياة متناقضة تمامًا.
واحد يحب السهر والتجديد، والتاني يميل للهدوء والتقليدية.
علشان كده، لازم نسأل الأسئلة الحقيقية:
مين الشخص ده؟
بيشتري ليه؟
إيه بيسوق قراره؟
إيه بيمنعه؟
وبيحب إيه؟ وازاي؟
ولما تبدأ تجمع التشابهات، تبدأ تقسيم المستهدفين بشكل حقيقي.
في سبودز شيبس، مثلًا، اكتشفنا إن الناس ربطت كذا طعم بمواقف معينة.
فيه طعم للسهرة مع أصحابك، وطعم تاني وانت بتشتغل لوحدك.
ده مش بس وجّهنا في تطوير المنتج، لكن كمان في تصور العلامة التجارية و تنوع منتجاتها.
وفي شاهين كوفي، الناس اختلفت حسب علاقتهم مع القهوة. فيه اللي بيحب المذاق القوي، وفيه اللي بيحب يعمل و يفصل مزاجه بنفسه. التخصيص عند شاهين بقى ميزة مش عند حد تاني.
________________________________________
من الكَمّ إلى الكيف
بعد ما نفهم “إيه؟” لازم نسأل “ليه؟”.
ليه بيختار البراند ده؟ ليه بيرجع أو ما بيرجعش؟
هنا بتيجي قوة البحث الكيفي: مجموعات النقاش، المقابلات العميقة، فهم السلوك والمحفزات والعوائق.
وبنبدأ نغوص أعمق…
مش بس عن المنتج، لكن عن عالم الشخص ده:
بيستخدم أي أبلكيشن؟
بيتابع مين؟
مين بيوجهه؟
بيصدق مين؟
________________________________________
تحويل الفهم إلى فعل
الهدف مش نعمل دراسة، الهدف نعمل خطة تمس القلب والعقل.
سواء كانت قائمة طعام بتراعي الناس اللي بتدور على الأكل الصحي، أو حملة تسويقية بتتكلم بنفس لغة الناس، أو حتى اختيار مؤثر عالسوشيال ميديا مناسب، التفاصيل دي كلها بتبني جسر بينك وبين العميل.
________________________________________
رحلة مش نقطة
فهم المستهلك مش مهمة بنخلصها ونمشي.
هي علاقة، بتتطور، وتتغير.
كل ما السوق بيتغير، الناس بتتغير.
وكل ما تسمعهم أكتر، تقدر تكمل معاهم أطول.
وفي الآخر، النجاح مش منتج.
النجاح هو الدور اللي منتجك بيلعبه في حياة الناس.
لو عرفت الدور ده، وعشته، هتكون بتبني تجربة، مش بس مشروع.